عن الرسول (ص) : "أفشوا السلام .. وصلوا الارحام .. وتهجدوا(وصلّوا)* والناس نيام"
* مصدر شيعي: كتاب محاسن البرقي ص387.
منذ اللحظة الأولى من الصباح .. حين افتح جفناي .. حينما يبرق شعاع الشمس في عيناي ..
حين أول تنهد لي مستنشقاً هواء الصباح .. أتثاءب و أقول "السلام.. صباح الخير"
أصبح يوما فأقولها لأم العيال .. أو يوما أصبح فأجد أحدى بناتي قد غمست قدماها الرقيقتان في أم رأسي .. بعد أن رأت كابوسا مخيفا فأتت على استحياء لتشاركني فراشي .. فتتقلب وتتقلب حتى صارت رجلاها عند رأسي .. رغم كل هذا فإني لا أزال أقولها.. لاأزال أقول كلمة "السلام" كلمة ملحوقة بالدعاء بخير الصباح "صباح الخير"..
منذ ذلك الحين عندما أجلس القرفصاء على سماط الإفطار .. فأتناول جبنا أو بيضا .. أو لقمة من زعتر مغموس بزيت الزيتون الفلسيطني الممتاز.
أقوم لأوصل الأطفال إلى المدرسة .. فإرى جاري العزيز "ابو ابراهيم" وقد تتفخت عيناه من النوم يجر أطفاله واحدا واحدا ويفتح لهم باب السيارة .. وإذا به يرفع يده محييا بتحية الإسلام يقول: "السلام" .. "صباح الخير.." وقلبي ملؤه المحبة قائلا "وعليك السلام وعلى ابراهيم ابنك وعلى ابنتيك.."
عندما أدخل مكتب العمل .. أجد صديقنا "روي" وبيده كويا من القهوة يحتسيها حتى لا ينام أمام شاشة الكومبيوتر .. "وفيليزا" مديرة مكتبنا النشطة .. والمهندس "إسماعيل" صديقي القديم ومهندس كاميرات الطب النووي. كلهم ينادونني "جوود مورنينغ)
يطل علينا من بعيد .. رأسه من فوق الحاجز الزجاجي ، يمشي مبتسما .. يفتح الباب .. وفي صمت .. يحينا .. انهض لأرمي بكفي على كفيه وأصافحه بحرارة رافعا جسمي على أطرافي وكأني أقول له : "إن كنت أنت أطول منا ، فلاتظن بأننا أقزام .. " ذاك هو مديرنا السيد إحسان قادم من عمّان .. وأصله من الشيشان !! أحييه ويحيني وكأنما هو من مواليد الفروانية وأن من خيطان !
لا تفصلنا عن ذاك إلا لحظات .. وإذا بصخب خلف زميل آخر .. يدخل مبنى الشركة و يسبقه إلى الآخرين لسانه بالسلام .. يحيهم ويحيونه .. وليس بينهما سوى رد السلام .. يدخل علينا بشماغه مبتسما .. "هلا بوحيدر .. " بتلك اللهجة البدوية السمحة .. أقوم له فأضع خدي على خده لنتبادل القبلات ..ودائما نخطأ إذا إن "بروتوكول" القبلات بينا ليس على اتفاق ! كان هذا أخي وصديقي أحمد العارضي المطيري وكان ذاك أنا أخوكم من حاضرة الدسمة .. لم تفرق بيننا لا اللهجات و لا البروتوكولات و لا عرق افترق قريبا .. والتقى بأبينا "آدم" أبو البشر.
يأتينا "يوسف" .. موظف الشاي .. وساقينا بجرعات "الكافيين" ليقول : "سلام بابا" .. وأرد له السلام بلهجة البنغال "كيموناتشو"! فيضحك ويقول "بالواتشي.. تم كيموا ناتشو؟" وأرد "بالوا تشي .. باي"
في كل لحطة أقمت بها السلام .. أجد أن أسارير قلبي قد تفتحت .. وأحسست بالسعادة البالغة .. وكأن الدنيا لا تسعني .. "أفشيت السلام" .. وعملت بحديث رسول الله (ص) .. وصح بدني .. وأزلت الغم والهم .. ورفعت الضغائن والأحقاد.
لا أبقاني الله ليوم .. أجد فيها الكويت لا يسلم فيها أحد إلا أن يقدم له بطاقة تعريفية بنسبه وحسبه وقبيلته وطائفته..
و لا أبقاني الله يوما لأجد الكويت .. غير الكويت .. و الناس كالنسناس ..
أكلهم المصالح الشخصية ولباسهم طائفي و قبلي..
يا ناس .. "أفشوا السلام" .. و لا تنظروا إلى غير ذلك ..
اقتدوا برسول السماء .. برحمته وسماحته .. ولين عريكته .. " فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ "
اقتدوا بمن "لا يعبس" في وجه أحد .. يلاعب الصغار .. ويحنو على الكبار .. يلاطف العجائز .. وتسلوا نفسه بملاطفة الأعراب.. يجلس حين ينتهي المجلس ولا يتخطى رؤوس الناس .. و ينزل بمجالس الناس فلا يفرقه عنهم سوى حسن أدبه ..
أسلموا تسلموا .. والإسلام أن تسلم وجهك لله .. والمسلم من سلم الناس من لسانه ويده..
No comments:
Post a Comment